المدخل | التعليق  الاسبوع  | الجديد في الاتجاهات  | افتتاحيات الصحف  | الاتصال بنا  | اشارات  | مقالات عبدالاله البياتي 

الخلاف مع الموالين للسياسة الامريكية

لاستاذ صلاح عمر العلي المحترم
تحية اخوية وبعد
لقد قرات باعجاب كلمة المحرر في العدد من جريدتكم التي تؤكد على ضرورة استقلال الارادة الوطنية والتي تبين بعمق المخاطر التي تتعرض لها الحركة الوطنية عند فقدان هذا الاستقلال لا شك انكم يمكن ان تخمنوا انني اؤيد ما جاء فيها دون تحفظ.ولكني اود ان اضيف واشير باقتضاب الى بعض النقاط الجوهرية التي تفصل بين الموالين للسياسة الامريكية والساعين لحكم العراق عن طريق وباسم هذه السياسة وبين الوطنيين العراقيين الذين يريدون لشعب العراق الامن والحرية والرخاء والتقدم في ظل دولة ديموقراطية:
ان الوطنيين العراقيين المنتشرين في التيارات الرئيسية للحركة السياسية العراقية : التيارات القومية والاسلامية واليسارية والليبراية الوطنية يسعون الى اقامة نظام سياسي قائم على المساواة بين المواطنيين وتمتعهم بحرية التفكير والتعبير والتنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي دزن قيود ما عدا متطلبات السلام الاجتماعي ووحدة الدولة ،نظام قائم علىادارة المواطنيين لشؤون المجتمع والدولة بانتخابهم لممثليهم في السلطات التشريعية والتنفيذية والمحلية انتخابا دوريا حرا يكفله الدستور والقانون
على خلاف ذلك يسعى الموالين للسياسة الامريكية الى تصوير الديموقراطية على انها استبدال صدام حسين بمجوعة من الافراد يحصلون على شهادة تزكية ديموقراطية من الولايات المتحدة واجهزتها ويقفزون الى السلطة بواسطة دعمها الاعلامي والمالي و العسكري.وكما هو واضح للوطنيين العراقيين ورغم الكلام عن الحكم الدستوري التعددي فان معاداة الموالين للسياسة الامريكية للتيارات الوطنية العراقية ولحريات الشعب الديموقراطية لن يؤدي الا الى اقامة ديكتاتورية جديدة
ان سياسة الولايات المتحدة في المنطقة هي سياسة واضحة ومعلنة وتتلخص في دعم اسرائيل واحتواء ايران ومحاصرة سوريا وانهاك بلدان الخليج بما فيها السعودية والكويت اقتصاديا والعمل لمجئ حكم في العراق يساعدها في نجاح سياساتها.
ليس فقط ان لا مصلحة لشعب العراق في تنفيذ هذه السياسة وانما كذلك ان هذه السياسة تتناقض ومصالحه الوطنية والقومية فمن مصلحة شعب العراق اقامة اعلى اشكال التعاون والتضامن مع كل البلدان العربية والاسلامية المجاورة بما فيها تركيا والكويت.وحتى وان وجدت خلافات في التصورات والمصالح مع بعض الدول المجاورة فان تجربته علمته انه من الافضل حلها عن طريق التفاوض وتعميق التعاون لا عن طريق الصراع والحروب

وفي المجال الاقتصادي فان الخط الفاصل بين الوطنيين العراقيين وبين الموالين للسياسة الامريكية لا يتعلق فقط بالحصار والعقوبات التي فرضت على الدولة العراقية وانما كذلك يتعلق بالسياسة الاقتصادية لما بعد الحصار والتخلص من الديكتاتورية.فهدف المرتبطين بالمصالح الامريكية هي اقامة حكم يزيل كل العقبات التي تحد من سيطرة الرساميل العالمية على الاقتصاد العراقي سيطرة كلية ونهائية ، حكم يكونون هم فيه الوسطاء المنتفعين
ان الذين ساعدوا وعملوا على الانهيار الاقتصادي الحالي هم انفسهم الذين يدفعون لان لا ترمي السياسة الاقتصادية لاخراج العراق من المحنة ببناء قاعدة اقتصادية كفوءة ترفع من مستوى الانتاج والعمالة وتراكم راس المال المحلي ومستوى حياة المواطنين ، وانما يجري لمصلحة وسطاء الشركات الاجنبية والمضاربين والمافيات الاقتصادية الطفيلية الذين لا هم لهم سوى زيادة موجوداتهم في البنوك الاجنبية
ولعل اخطر ما سمعت في هذا المجال ان البعض يدعو الى بيع ملكية حقول النفط تحت حجة اطفاء الديون وان البعض الاخر يدعو الى تصدير النفط عن طريق فلسطين التي تسيطر عليها اسرائيل تحت حجة الجدوى الاقتصادية والسلام في الشرق الاوسط ان العراق مضطر للانفتاح نحو العالم وهو بحاجة للرساميل والاستثمارات والتكنيك والمساعدات ولكن حكومته ينبغي ان تعمل من اجل الشعب كله لا ان تكون ممثلة للشركات الاجنبية التي تريد نهب العراق
عبدالاله البياتي
باريس 25 حزيران 1999